السؤال :
حيث أني مسلم فإنني أسمع باستمرار أن مدينة القدس مهمة لنا . لكن ما هو السبب ؟ أعلم أن النبي يعقوب عليه السلام بنى المسجد الأقصى في تلك المدينة ، وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أمّ الأنبياء السابقين في الصلاة مما يؤكد على وحدة الرسالة والوحي الإلهي ؛ فهل يوجد أي سبب رئيسي آخر لأهمية هذه المدينة، أم أنه بسبب أننا نتعامل مع اليهود فحسب ؟ يبدوا لي أن اليهود لهم حصة أكثر مما لنا في هذه المدينة !! الجواب : الحمد لله
أولاً :أهمية بيت المقدس :
اعلم - يرحمك الله - أن فضائل بيت المقدس كثيرةجداً منها :
- أن الله تعالى وصفه في القرآن بأنه مبارك قال تعالى : ( سبحان الذي أسرى بعبدهليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ) والقدس هي مما حول المسجد وبهذا تكون مباركة .
- أن الله تعالى وصفها بأنها مقدسة في قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام : (يا قومِ ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ).
- فيها المسجد الأقصى والصلاة فيه تعدل مائتين وخمسين صلاة.
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلمأيهما أفضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس ؟ فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم : صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو ، وليوشكنأن يكون للرجل مِثْل شطن فرسه من الأرض حيث يَرى منه بيت المقدس ; خير له من الدنياجميعاً “ . رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني كما في “ السلسلة الصحيحة “ في آخر الكلام على حديث رقم ( 2902 ).
والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة ، فتكون الصلاة في المسجد الأقصى بمائتينوخمسين صلاة .
وأما الحديث المشهور أن الصلاة فيه بخمسمائة صلاة : فضعيف . انظر " تمامالمنة " للشيخ الألباني رحمه الله ص 292 .
- أن الأعور الدجال لا يدخلها لحديث " وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرموبيت المقدس " رواه أحمد، وصححه ابن خزيمة وابن حبان
- والدجال يقتل قريباً من هناك يقتله المسيح عيسى بن مريم عليه السلام كما جاءفي الحديث " يَقتل ابنُ مريم الدجالَ بباب لُدّ " رواه مسلم منحديث النواس بن سمعان .
و " لدّ " : هي مكان قرب بيت المقدس .
- أن الرسول صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قالتعالى : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى )
- أنه قبلة المسلمين الأولى ، كما جاء عن البراء رضي الله عنه : أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً .. رواهالبخاري - واللفظ له - ومسلم .
- أنه مهبط الوحي وموطن الأنبياء وهذا معلوم مقرر .
- أنه من المساجد التي تُشد الرحال إليها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تشدالرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجدالأقصى " . رواه البخاري . ومسلم من حديث أبي سعيد الخدريبلفظ " لا تشدوا الرحال إلا …" .
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمّ الأنبياء في صلاة واحدة في الأقصى في حديثطويل ".. فحانت الصلاة فأممتهم " رواه مسلم ( 172 ) من حديث أبي هريرة .
فلا يجوز السَّفر إلى بقعة في الأرض بقصد التعبّد فيها إلا هذه المساجد الثلاثة .
ثانياًً :
وبناء يعقوب عليه السلام للمسجد الأقصى لا يعني أن اليهود أحق بالمسجد منالمسلمين حيث أن يعقوب كان موحداً واليهود مشركون فلا يعني أن أباهم يعقوب إن بنىالمسجد فهو لهم بل هو بناه ليصلي فيه الموحدون ولو كانوا غير أبنائه ، ويمنع منهالمشركون ولو كانوا أبناءَ له ؛ لأن الأنبياء دعوتهم ليست عرقية بل قائمة علىالتقوى .
ثالثاً :
أما قولك : وإن النبي صلى الله عليه وسلم أمّ الأنبياء السابقين في الصلاة ممايؤكد وحدة الرسالة والوحي الإلهي فهذا صحيح من جهة أصل دين الأنبياء وعقيدتهم لأنالأنبياء كلهم يستقون من مصدر واحد وهو الوحي وعقيدتهم جميعا هي عقيدة التوحيدوإفراد الله بالعبادة وإن اختلفت أحكام شرائعهم من جهة التفاصيل ، ويؤكد هذا نبيناصلى الله عليه وسلم بقوله " أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرةوالأنبياء إخوة لِعَلاَّت أمهاتهم شتى ودينهم واحد " رواه البخاري ( 3259 )ومسلم ( 2365 )
ومعنى " إخوة لِعلاَّت " : الإخوة لأب غير الأشقاء وهم الإخوة منالضرائر .
وهنا نحذِّر من اعتقاد أن اليهود والنصارى والمسلمين على مصدر واحد الآن ؛ لأناليهود بدلوا دين نبيهم بل إن من دين نبيهم أن يتبعوا نبينا ولا يكفروا به ، وهاهميكفرون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ويُشركون بالله .
رابعاً :
ليس لليهود حصة في القدس ؛ لأن الأرض وإن سكنوها من قبل فإنها قد صارت للمسلمينمن وجهين :
1- أنّ اليهود كفروا ولم يعودوا على دين المؤمنين من بني إسرائيل ممن تابعواوناصروا موسى وعيسى عليهما السلام .
2- أننا نحن المسلمين أحقّ بها منهم ، لأن الأرض ليست لمن يعمرها أولاً ، ولكنلمن يقيم فيها حكم الله لأن الله خلق الأرض وخلق الناس ليعبدوا الله عليها ويُقيموافبها دين الله وشرعه وحكمه ، قال تعالى : ( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عبادهوالعاقبة للمتقين ) ( سورة الأعراف /128 ) .
ولذلك لو جاء قوم من العرب ليسوا على دين الإسلام فحكموها بالكفر يُقاتلون حتىيرضخوا فيها لحكم الإسلام أو يُقتلوا .
فليست القضية قضية شعوب وأعراق وإنما قضية توحيد وإسلام .
وللفائدة ننقل ما يلي من كلام بعض الباحثين :
" يقرر التاريخ أن أول من سكن فلسطين الكنعانيون قبل الميلاد بستة آلاف سنة ،وهم قبيلة عربية قدمت إلى فلسطين من الجزيرة العربية وسميت فلسطين بعد قدومهمإليها باسمهم . " الصهيونية ، نشأتها ، تنظيماتها ، أنشطتها : أحمد العوضي" ص 7 .
: وأما اليهود فكان أول دخولهم فلسطين بعد دخول إبراهيم بما يقارب ستمائة عام ،أي أنهم دخلوها قبل الميلاد بحوالي ألف وأربعمائة عام ، فيكون الكنعانيون قد دخلوافلسطين وقطنوها قبل أن يدخلها اليهود بما يقارب أربعة آلاف وخمسمائة عام . " المرجع السابق"ص 8 .
فيتقرر بهذا أنه لا حق لليهود بأرض فلسطين لا حقاً شرعياً دينيأً ولا حقاًبأقدمية السكنى ومُلْك الأرض ، وأنهم مغتصبون معتدون ونسأل الله أن يكون خلاص بيتالمقدس منهم عاجلا غير آجل إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير، والحمد لله ربالعالمين .